الكائنات التي لا نراها

يقال بأن هناك كائناتٍ تشاركنا عالمنا الصغير وبأننا لسنا وحدنا ولكنها كائناتٌ خفية لا نستطيع أن نراها ولكنهم يروننا، فلقد وضع الله سبحانه وتعالى حجاباً بيننا وبينهم كي لا نراهم ولا نشعر بهم.

منهم المسلم و منهم اليهودي و منهم الكافر فهم خلقو للعبادة مثلنا وأنزل الله سيدنا محمد علينا و عليهم رسولاً يهدينا للصراط المستقيم.

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الجن ولم يفرقنا عنهم كثيراً فهم لديهم العقل و التمييز و الحرية والقدرة على الاختيار و التفريق بين الحق والباطل ، ولكن الفرق بيننا و بينهم أنهم لم يخلقوا من المادة البشرية وأنهم محجوبون عنا نهائياً.

   يخطئ بعض الناس بالتفرقة بين الجن والشياطين فهناك فرقٌ كبيرٌ بينهم فكما نعلم أن الخلق مقسمٌ إلى أربعة أقسام : الملائكة والانس و الجن والأنعام ، فالجن منهم الصالح الذي يؤمن بالله تعالى و منهم الشياطين الذين كفرو فكما ذكر في القرآن الكريم ( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن امر ربه )[الكهف ٥٠] فالشيطان بحد ذاته ليس مخلوقاً بل هو صفة يوصف بها البشر والجن كما أتى بقوله تعالى )شيٰطين الإنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا) [الأنعام ١١٢]

إن السبب المباشر عند الناس إيمانهم بأن الجن لهم قدراتٌ تؤثر علينا بها كل التلبس والمس هو الفهم الخاطئ للآيات القرآنية والمشعوذين الذين لمعت شهرتهم مما يطلب منهم من رقية وعلاج لأمراضٍ نفسية يظن بأنها مسٌ من الشياطين والجن .

في الماضي كان الناس يتعوذون عند مرورهم بوادٍ ويقولون “اعوذ بسيد هذا الوأد ” كما أتى في قوله تعالى في سورة الجن ( وانه كان رجال من الانس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقا ) وفي تفسير هذه الآية يتبين بأن التعوذ من الجن هو فعل لبئس له فائدة لن يقيدهم بل سيزيدهم رهقا

ويمكن أن نضيف آية اخرى ( الذين يأكلون الربا … ) البقرة ٢٧٥ ،فلقد استخدم البعض هذه الآية تأكيدا بأن الشياطين تقوم بالمس ، وكما ذكرنا قبل قليل بأن الشيطان هي صفةٌ نوصف بها وبرأيي

 

تفسير هذه الآية يأتي إظهار نفسيات آكلي الربا فليس من المعقول انه كل من اكل الربا ممسوسٌ بشيطان ،بل يجب أن نقول بان هذا الشخص قد وسوس له من الشيطان بأن يفعل هذا الفعل الخاطئ كما جاء في قوله تعالى على لسان الشيطان ( وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم و استجبتم لي ) ففي هذه الآية تصريح بان الشيطان ليس له قدرة علينا إلا أن يدعونا لأمر (الوسوسة) ونستجيب له إذا كان إيماننا ضعيفا.

ومن الآيات أيضا التي يظن البعض بأنها دليل على قدرة الجن بتلبس أجسادنا قوله تعالى على لسان سيدنا أيوب ( إني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) فهل نستطيع التجرأ بالقول بأن الشيطان قد تلبس جسد نبي الله وإذا استطاع وتلبسه هذا يعني بأنه من الممكن أن هذا الشيطان الكافر قد جعل نبي الله أن يتفوه بكلامٍ خاطئ يكفر به نبي الله عليه السلام.

وهنا تكمن الفكرة بأن ذكر الجن في القرآن والآيات التي فهمها البعض بشكل خاطئ لاتعني بأن الجن يدخلون أجسادنا ويتحكمون بها وليس بالضرورة إن كانت هناك أحاديث نبوية تثبت بأنهم يدخولن أجسادنا أن تكون صحيحة فخلال 1400 سنه لا يمكن أن نصدق بأن هذه الاحاديث لم تحرف من قبل ضعاف القلوب. هنا يأتي دور معجزة القرآن الذي نزه عن التحريف من قبل الله -عز وجل- ، وإن كان كما يقول البعض في القصص الشعبية والخرافات بأنهم رأوا افعال الجن بأعينهم ، لا نستطيع القول إلا بأن هذه مجرد أمراضٍ نفسية، لأنه حتى لو رأت أعيننا الجن يجب علينا تكذيب أعيننا لأن القرآن اثبت بأننا لا نستطيع أن نراهم أو نتعامل معهم لأن هنالك حجابا بيننا و بينهم ولله حكمته في ذلك فكما جاء في قوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(الأعراف[27]

وذكر أيضا في بعض الأحاديث النبوية التي يمكن ان تكون ضعيفة قال صلى الله عليه وسلم:(لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم الشياطين ) ، ومن دوري هنا لدي سؤالٌ يراودني هل في يوم من الأيام رأى أحدكم عظمةً أو روثاً يختفي بعد رميه؟ أو هل رأيتم روث الحيوانات يختفي بعد نزوله من الحيوان ،افتراضاً أنهم يحبون الطعام طازجاً وساخناً؟!

وكما يقول البعض بأن الجن الذين يساعدون المشعوذين في سحرهم هم من الجن اليهود فهل يعقل أن الجن المسلمين يتركون الجن اليهود يؤذوننا و لا يحركون ساكناً؟ أم أان الجن المسلمين وصل بهم الحال كما وصل بنا ولا يستطيعون فعل شيءٍ أمام قوى اليهود؟

 

هناك أعراض كثيرة للتلبس يذكرونها ضعاف النفوس ممن يقولون بأنهم شيوخ الإسلام وهذه العلامات تختلف باختلاف نوع التلبس منها:

-الأحلام المزعجة والمفزعة في النوم والشعور بأنه يسقط من مكان عالي.

-رؤية الثعابين أو الصراصير أو الجمال أو الكلاب أو القطط بشكل مستمر في المنام ورؤيتها أحياناً كأنها تلاحق الشخص أو تخنقه .

_ الضيق في الصدر .

_ الشرود الذهني وكثرة النسيان.

_ كراهية للعمل ، للزوجة ، للمجتمع ، للدراسة.

_ خفقان مفاجئ وشديد في القلب.

_ ينتاب المريض أحيانا تنميل أو رعشة أو حركة لا إرادية.

_ يسمع أصواتاً معروفة أو أصواتاً غريبة لا يسمعها مَنْ بجواره.

_ يشم روائح غريبة وفي الغالب تكون كريهة لا يشمها من بجواره.

_ أحيانا يشعر من به مس بحرارة أو برودة شديدة في جسده خصوصا الأطراف.

_ يبكي في بعض الأوقات دون سبب خصوصا قبيل أو بعد المغرب.

_ يتميز عرق بعض من بهم مس برائحة غير طيبة وقد تكون رائحة كبريتية عفنه .

_ عصبية المزاج وسرعة الغضب.

-الصداع الذي لا ينفع معه العلاج ويحتار الأطباء في أسبابه بل لا ينفع معه إلا الرقية أو غسل الرأس بماء مقري عليه آيات الرقية وآيات السكينة .

-الشرود والصدود عن ذكر الله وخاصة الصلاة وقد رأيت من لا يستطيع الصلاة نهائياً بل ولا حتى التكبير فضلاً عن القراءة بل وقد رأيت بعضهم تتصلب رجليه عند ذهابه إلى المسجد يتأخر إلى الوراء ولا يستطيع يتقدم خطوة إلى الأمام، وهذا العرض يختلف حسب شدته من شخص لآخر .

– حب الوحدة   و الانعزال.

– الوسواس القهري .

-تغير مفاجئ في طباع المسحور من الحب إلى الكراهية ومن الصحة إلى المرض ومن العبادة إلى المعصية .

يشعر الشخص المصاب وكأنه مدفوعٌ بقول أو فعل بغير إرادته ، وغالباً ما يندم على ما فعل.

-آلام في الأرحام .

-آلام في أسفل الظهر .

-يُرى في عيني المسحور بريقا زائداً وملحوظا وغالبا ما تجده لا يستطيع تركيز النظر في عين الراقي وقت الرقية .

-يشتكي من الآم دائمة في بطنة وهذه في الغالب خاصة بالسحر المأكول 0

-سواد الوجـه , وخصوصاً وقت الرقية 0

– عدم النوم.

وكما نرى بأن كل هذه الأعراض هي عبارة عن أمراض جسدية أو نفسية يتم علاجها عند الغرب بسهولةٍ تامة بدون التطرق إلى الخرافات والأكاذيب التي ينشرها هؤلاء الناس وكما ذكر أبو هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء))؛ رواه البخاري.

 

وهناك أيضاً أعراض للمسحور حسب قولهم بعض الأعراض التي تحصل للمسحور وقت القراءة:

     ×       البكاء عند قراءة آيات السحر.

     ×       الاستسلام للنوم .

    ×       يشعر المسحور بمثل الكرة الصغيرة ساكنة أو متحركة في المريء.

     ×       غالبا لا يظهر الجني بسرعة كما هو عليه الحال في المس.

     ×       قد تظهر تشنجات ولاسيما في الأطراف وعلى العينين.

     ×       غثيان أو ألم في البطن.

     ×       لا يستجيب للقراءة والعلاج بسرعة ( أيضا بعض حالات العين لا تستجيب للعلاج                     بسرعة ).

     ×       وقت الرقية ينظر إلى الراقي بسخرية وربما ضحك المصاب دون إرادة منه .

 

وهذه الأعراض عبارة عن أمراض نفسية اتت من القناعة السلبية التي يتحكم بها العقل الباطن الذي نوعاً ما لا يميز بين الخيال والحقيقة فكما ذكر في كتاب علم التنويم بالإيحاء للدكتور ابراهيم الفقي ص(١٨) عن قول ابن سينا “إن قوة الفكر قادرة على احداث المرض والشفاء منه، وان للفكر قوة مؤثرة ليس على جسم الفرد نفسه بل على اجسام الاخرين واحياناً يحصل هذا التأثير عن بعد ، وان القوة تحدث المرض كما انها تستطيع احداث الشفاء بإرادة الله ” ونفهم من هذا بأن قوة التفكير التي أنعم الله علينا بها وميزنا بها عن الحيوانات تستطيع أن تدمر حياتنا أو توصلها للرقي فالطفل الذي

يسمع هذه القصص والخرافات عن طريق مدرسيه أو أهله أو عن طريق الوسائل العلمية الجديدة كل الفيديوهات أو المواقع الاكترونية ستثبت بعقله هذه الأفكار وسيجعلها عقله الباطن الخيالي حقيقة و من كثر الخوف الذي يدور في عقله سيرى كل ما ذكر من قبل واقعاً وسيحس بهذه الأشياء وكما أنها حقيقية لأن عقله الباطن إذا اقتنع بأمر يمكن أن يصل به إلى أمراضٍ نفسية عدة منها الوسواس القهري وانفصام الشخصية والكثير من الأمراض التي لا تحصى.

والله أعلم

Check Also

لم تكن و لن تكون فأنت غالباً غير حقيقي

الحقيقة دائما أغرب من الخيال – لورد بايرون نعم انه لعنوانٌ  غريبٌ بعض الشيئ  ولكن  هل …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *