كالفضائيين

يتفكر الكثير في تلك الكائنات التي لم تخلق على أرضنا فمنهم من ينفي وجودهم و منهم من يتمنى أن يجدهم ومنهم من هو متيقنٌ بأنهم موجودون وأننا سنراهم في وقتٍ ما ، وللأسف هم مجرد أفكارٍ وخيالاتٍ سينمائية لم يذكر الله سبحانه تعالى عنهم شيئاً ولا حتى أنبيائه في اعتقادي بأن من بدأوا في هذه الفكرة ونشروها بين ناس لم يفعلوا ذلك إلاّ لتضليلهم و جعلهم يتفكرون بأشياء لن    تفيدهم مهما حصل لإبعادهم عن الحقائق الفعلية ليأخذوا السبق فيها.

ولكن لم لا نأخذ تضليلهم لصالحنا لنجد فكرةً إيجابية قد تنفعنا ، هل فكر أحدكم يوماً ، بأن إذا نزل احد الفضائيين على ارضنا وحاول التأقلم معنا ، فكما في الأفلام السينمائية سيغير هيئته ليصبح مثلنا ، وملابسه ، ولغته وغيره الكثير؟

والأهم مما ذكر سيبحث عن الدين أو المبدأ الذي سيعيش عليه ، فكما نعلم هناك الكثير من الديانات السماوية و الدنيوية كل الإسلام والمسيحية و البوذية وغيرها و هناك أيضاً الأفكار الإلحادية واللادينية والعلمانية وغيرها  ، وكما نعلم عالمنا من هذه الناحية منفصلٌ تماماً عن بعضه فمن الصعب أن يقنع المسلم الملحد بأن الإسلام صحيح ، بسبب تمسك كل واحدٍ منهم بأفكاره وعقيدته وكيانه أمام الناس .

فلنفترض بأن افضل الأديان التي رآها هذا الفضائي هو الإسلام وأن افضل الأفكار هي الأفكار الإلحادية اللادينية وبأن هذا الفضائي يجب عليه اختيار أحدهما ليكمل مرحلة التأقلم مع هذا العالم الجديد ، بالطبع سيدرس هذا الفضائي الإسلام و سيدرس الإلحاد ، و بدوره سيقوم بكتابة أخطاء كلاهما من وجهة نظره و إيجابيات كلاهما ليقارن بينهم ،و هنا تكمن الفكرة فكما نعلم هذا الفضائي ليس متعصباً لأي منهما فهو يبحث عن الحقيقة التي ستوصله إلى الصواب .

وهنا تكمن مشكلتنا كمسلمين لأننا عندما نحاول أن نقنع إنساناً ملحداً مثقفاً بديننا الصحيح برأينا ، نفرض عليه الدين من دون إعطائه الفرصة بأن يقنعنا بفكرته ، وهذا ينشر فكرة أن المسلمين لا يفكرون بل يتبعون كلام الله حرفياً بدون التفكر فيه، بل فقط حياتهم  تبنى على دين آبائهم ومعتقدات الأجداد ، التي هي برأي الملحد مجرد أفكارٍ لم تعد تنفع بعد عصر التطور والنهضة ، وأن العلم الآن هو دين الحياة ، فمن خلاله نأكل و نلبس ونسافر وليس الدين هو الذي يصنع لنا الطائرات والسيارات و العمارات ، فهو مجرد كلامٍ روحاني ولا عصره

لذلك برأيي ليصل عالم الدين إلى الوضع الذي يستطيع من خلاله إقناع الملحد علمياً لا روحانياً ، يجب عليه أن يدرس علوم الدنيا ويثبتها بدينه بدل أن ينتظر اكتشافات الغرب ليثبت أن الله حق ، وأيضاً أرى أنه من حق الملحد العلماني الذي أفنى حياته في العلم الذي أمرنا الله به فكما  قال تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)، «سورة الزمر: الآية 9»، وحث النبي – صلى الله عليه وسلم – على طلب العلم حيث قال: «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقاً من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر» ، وهنا تكمن مشكلةٌ أخرى في عصرنا الحالي فكما أرى فهم الناس العلم بأنه الفقه والدين والفتاوى وتفسير الآيات الكريمة فقط ، عكس ما كنا في العصور الوسطى فقد كان العالم منهم عالماً في الرياضيات و الفيزياء والطب ولم يكن فقط يعلم بأمور الدين  ، فقد كانوا موسوعيين لا يقف أمامهم علمٌ إلا و برعوا فيه .

فلذلك أتمنى أن نعود لتلك العصور لنري العالم كيف أن ديننا هو الصحيح ، لأن الدين قد خلق ليواكب العلم ليوم القيامة ، ولكن بجهلنا الحالي في بعض الأمور لم نعد نستطيع التوصل إلى جميع الأجوبة التي ستسكت أي ملحد ،لنجعله يتفكر في الدين كما يتفكر في العلم.

ولا ننكر أيضاً بأن الملحدين يفكرون بطريقة تعصبية فهم في رأيهم بأن الكون قد خلق من لا شيء وأن الله غير موجود ، وأن كل ما نراه هو عبارة عن تطور الذرات المادة التي مع الزمن أصبحنا كائناتٍ منها.

لنعد للفضائي المسكين الذي لم يعرف له طريقاً ، ولنفرض بأنه وجد الإسلام هو دين الحق وهو الصواب ، ولكن كيف فكر هذا الفضائي ، فهو من المؤكد أنه لم يتخذ الإسلام ديناً بالفطرة ، ولكنه قد بنا بناء الفكر الخاص به على الأرض، عكس ما فعله المسلم و الملحد ،لأن كل منهما قد بنى أساسه في السماء ، لأن كلاهما يعتقد بأن أفكاره هي الصحيحة من دون إعطاء الفرصة للآخر ، وبعد أن انتهى من أساسه توجه ببنائه إلى الأرض فلم يعد يستطيع الإكمال و وصل إلى نهايةٍ مسدودة كما وصلنا نحن من المسلمين والملحدين ، فمن يبني بنائه يجب عليه أن يبدأه من أرض ثابتة و أن يأخذ جميع الاحتياطات مثل الزلازل و الرياح والبراكين و الفيضانات ، التي هي في حالتنا العلوم التي يجب أن ندرسها و نفهما لننتج ديناً تثبته الروحانيات و الدلائل العلمية التي اكتشفناها في مراحل دراستنا لعلوم الأرض اقتداءً بكلام ربنا عز وجل ونبينا  صلى الله عليه وسلم .
عبدالله كامل عبدالله
June 10, 2015

 

Check Also

لم تكن و لن تكون فأنت غالباً غير حقيقي

الحقيقة دائما أغرب من الخيال – لورد بايرون نعم انه لعنوانٌ  غريبٌ بعض الشيئ  ولكن  هل …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *